تمكن فريق بحثي مشترك من كليات التأهيل الرياضي والطب والجراحة وكلية الصيدلة في جامعة مؤتة من إجراء العديد من الأبحاث العلمية الحساسة تحت عنوان "العلاج غير الجراحي للعمود الفقري" الذي تم نشر أول أبحاثه الذي جاء حول إمكانية إنجاز ما يسمى بـ "الجر الصدري الكامل" لتنطلق مؤتة بهذا الإنجاز العلمي النوعي نحو الريادة على مستوى المملكة وعلى المستوى العالمي.
كذلك ووفقا لأستاذ التأهيل البدني للأمراض المزمنة في كلية التأهيل الرياضي الاستاذ الدكتور محمد القضاة فإن الفريق البحثي المشترك حاز على موافقة ودعم صندوق البحث العلمي في كلية البحث العلمي في جامعة مؤتة وشرع بإجراء أول أبحاثه حول إمكانية إنجاز ما يسمى بـ "الجر الصدري الكامل" بالتعاون مع مستشفى الكرك الحكومي وتم إجراء جميع التجارب العلمية في قسم الأشعة.
ويبيّن القضاة أن الهدف من هذا العمل هو التعرف ووصف التأثير المورفولوجي المباشر لاستخدام تلك الطريقة الجديدة على المسافات الأمامية "بين الفقرية" في الفقرات الصدرية وذلك بين المستويات العصبية الصدرية الثلاثة عشر باستخدام صور الأشعة السينية من أجل اكتشاف ما إذا كانت تلك الطريقة الجديدة تحققُ عمليةَ الجر الصدري.
وبلغةٍ علمية بحتة؛ يوضح القضاة أن الهدف يتمثل بـ"التقنين العلمي لأسلوب الجر المزدوج في تحقيق الجر الصدري الكامل" وذلك بالاستناد إلى دليل قطعي وبالتجربة وإمكانية تحقيقه لمواصفات الصلاحية للجر الصدري.
ويعرض القضاة نتائج البحث التي أظهرت وجود زيادة كبيرة (دالة إحصائياً) في المسافات بين الفقرات الصدرية كاملةً، ويشير إلى أن هذا يعد "إنجازاً طبياً على مستوى العالم.
إذ أن المنطقة الصدرية تسمى بـ"منطقة ساندريلا" كنايةً عن غموضها وصعوبتها، ويوضح أنه يمكن اختصار أهمية تلك النتائج ودلالاتها على عدة نواحٍ؛ إذ يمكن استخدام تلك الطريقة الجديدة في علاج وتأهيل الفتق الغضروفي الصدري بدون اللجوء إلى الجراحة، واختصار مدة علاج الفتق الغضروفي العنقي أو القطني أو حتى الفتق الغضروفي متعدد المستويات.
وكذلك يمكن اختصار مدّة علاج وتأهيل معظم انحرافات العمود الفقري مثل الجنف والتحدب الظهري واستبعاد اللجوء إلى الجراحة وعلاج آلام أسفل الظهر والرقبة غير النوعية بفعالية، إضافة إلى تعديل بروتوكولات الوضع البدني للمرضى أثناء الخضوع للعمليات الجراحية في الظهر وإجراء ما يسمى بـ"الجر الكامل للعمود الفقري" لأن الأسلوب الجديد يحقق الجر العنقي والجر الصدري والجر القطني معاً في نفس الوقت.
ويلفت القضاة إلى أنه تم نشر البحث في مجلة "ريتوس" ذات التصنيف العالمي المرموق والمدرجة ضمن قوائم تصنيف "سكوبس" Q2 عالمياً.
ويشير إلى أن فريق البحث ينوي تسمية هذا الأسلوب الجديد بـ"بروتوكول جامعة مؤتة للجر الصدري" وذلك تقديرا لجهود جامعة مؤتة ووزارة التعليم العالي في دعم ورفع سوية البحث العلمي.
ويسترجع القضاة بأنه في عام 2021 اقترح دمج أسلوبَي الجر العنقي الميكانيكي مع أسلوب الجر القطني باستخدام وضع بدني خاص (تدوير الحوض) في آنٍ واحدٍ، حيث اختبر هذا الأسلوب الجديد على عدة حالات ونشرت نتائجه في العديد من المجلات العلمية العالمية.
ووفقا لأستاذ كلية الطب واستشاري طب وجراحة العمود الفقري الدكتور علاء عقل فإن البحث المتعلق بجر العمود الفقري في المنطقة الصدرية تم إجراء تجاربه على فئة قليلة من الشباب الاصحاء الذين لا يعانون من أي مشاكل صحية عضلية أو إصابات بين الفقرات يمكن أن تسبب تضيقاً بين الفقرات.
ويقول عقل أنه تبين من هذه الدراسة والتجارب التي نفذت حيالها أن هناك استفادة في توسيع المسافة بين الفقرات باستخدام طريقة جديدة لم تكن موجودة من قبل، والتي تقوم على "الدمج بين الجر العنقي مع الجر على المنطقة السفلية من الظهر (الفقرات القطنية).
ويؤكد عقل أن النتائج كانت جيدة؛ حيث "يمكن استخدامها في المستقبل لعلاج الألم العضلية أو الآلام الناتجة عن الانزلاقات الغضروفية في المناطق الصدرية.
ويبيّن أن هذا البحث "جديد من نوعه وسيكون انطلاقة مستقبلا للتوسع بالأبحاث والدراسات ليشمل تطبيقه على المرضى كطريقة جديدة في العلاج.
ويشير عقل إلى أن الفريق تمكن من تطبيق هذه الطريقة الجديدة على متطوعين تم التأكد من سلامتهم بالكشف الشعاعي، ثم تم تطبيق هذه الطريقة الجديدة عليهم وتصويرهم، حيث تمت مقارنة الصور الشعاعية قبل وبعد إجراء الطريقة الجديدة.
ووفقا لما ذكره الدكتور القضاة فإن مصطلح جر العمود الفقري (Spine Traction) يعني "استخدام قوى معينة في زيادة المسافات بين الفقرات لأغراض علاجية".
ويُستخدم هذا الأسلوب مع طرق أخرى للعلاج الطبيعي والتمارين العلاجية على نطاق واسع في علاج وتأهيل بعض أمراض العمود الفقري، كما هو الحال في الفتق الغضروفي القطني أو العنقي.
حيث يمتلك أسلوب العلاج بالجر طبيعةً ميكانيكيةً بحتة، إذ أنه يزيد عمودياً من المسافات بين فقرتين متتاليتين أو أكثر، لذلك يمكن أن يقلل من ضغط جذر العصب الشوكي، ويقلل أو يمنع حدوث الألم، ويقلل الضغط داخل القرص الغضروفي ويستعيد ارتفاعاته، مما يسمح بإمداد المغذيات والأكسجين إلى القرص الغضروفي. لذلك، تم إثبات فعالية استخدام أسلوب الجر القطني والجر العنقي سريرياً.
ويوضح القضاة أن هناك تصنيفات عديدة للعلاج بالجر، ويمكن تصنيفه حسب الطريقة إلى جر ميكانيكي وغير ميكانيكي؛ حيث يمكن إجراء الجر الميكانيكي بثلاثة طرق باستخدام أجهزة محددة.
ويلفت إلى أنه يمكن إجراء الجر غير الميكانيكي باستخدام الأيدي، أو باتخاذ أوضاع بدنية معينة أو باستخدام الجاذبية. ويوضح إمكانية تطبيق جميع الأنواع في المستشفيات والعيادات ومراكز إعادة التأهيل حسب مرحلة الإصابة ومدتها ومضاعفاتها ودرجة تسببها بالإعاقة الحركية وشدة الألم.
ويشير إلى أنه على مدار عقودٍ سبعة مضت، وصفت المراجع العلمية بدقة التغيرات الميكانيكية التي تحدث في الفقرات العنقية تحت تأثير الجر العنقي، وكذلك في الفقرات القطنية تحت تأثير الجر القطني، فيما تفتقر تلك المراجع إلى أي وصفٍ علميٍ مشابه للفقرات الصدرية وذلك لعدم وجود أي طريقة أو أي جهاز يقوم بعمل الجر الصدري بشكل كامل.
ويبين أنه رغم وجود بعض التقنيات التي تقوم بالجر الصدري الجزئي، إلا أنه يعد "غير كافٍ علمياً" الأمر الذي بتطلب إيجادِ طريقةٍ تقوم بعمل الجر الصدري بشكل كامل من أجل استخدامها لعمل وصفٍ علميٍ للتغيرات الميكانيكية التي تحدث في الفقرات الصدرية لأغراضٍ علمية وطبية علاجية.
ويضم الفريق البحث كلا من أستاذ التأهيل البدني للأمراض المزمنة الأستاذ الدكتور محمد القضاة وأستاذ كلية الطب واستشاري طب وجراحة العمود الفقري الدكتور علاء عقل وأستاذ تأهيل الإصابات الرياضية الدكتور مهند الزغيلات وأستاذ الأشعة التشخيصية والتصوير الطبي الدكتور محمود الخصاونة إضافة إلى أستاذ طب وجراحة العظام الدكتور صهيب الموصلي.